کد مطلب:352794 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:272

الشیعة والقرآن الکریم
یعتقد الشیعة أن (القرآن هو الوحی الإلهی المنزل من الله تعالی علی لسان نبیه الأكرم فی تبیان كل شئ، وهو معجزته الخالدة التی أعجزت البشر عن محاربتها فی البلاغة والفصاحة وفیما احتوی من حقائق ومعارف عالیة، لا یعتریه التبدیل والتغییر والتحریف، وهذا الذی بین أیدینا نتلوه هو نفس القرآن المنزل علی النبی صلی الله علیه وآله، ومن ادعی فیه غیر ذلك فهو مخترق أو مغالط أو مشتبه وكلهم علی غیر هدی، فإنه كلام الله الذی لا یأتیه الباطل من بین یدیه ولا من خلفه) [1] .

ویقول شیخ المحدثین محمد بن علی القمی الملقب بالصدوق: " اعتقادنا فی القرآن الذی أنزل الله تعالی علی نبیه محمد صلی الله علیه وآله هو ما بین الدفتین، وهو ما فی أیدی الناس لیس بأكثر من ذلك... ومن نسب إلینا أنا نقول أكثر من ذلك فهو كاذب ". ویؤكد ذلك ما یقوله الأستاذ البهنساوی وهو أحد مفكری الإخوان المسلمین: "... إن الشیعة الجعفریة الاثنی عشریة یرون كفر من حرف القرآن الذی أجمعت علیه الأمة منذ صدر الإسلام... وإن المصحف



[ صفحه 96]



الموجود بین أهل السنة هو نفسه الموجود فی مساجد وبیوت الشیعة ". ویواصل قوله فی مجال رده علی ظهیر والخطیب، فینقل رأی السید الخوئی، وهو أحد مجتهدی الشیعة فی العصر الحاضر: " المعروف بین المسلمین عدم وقوع التحریف فی القرآن، وأن الموجود بین أیدینا هو جمیع القرآن المنزل علی النبی الأعظم صلی الله علیه وآله " [2] .

وأما الشیخ محمد الغزالی فیقول فی كتابه دفاع عن العقیدة والشریعة ضد مطاعن المستشرقین: " سمعت من هؤلاء یقول فی مجلس علم: إن للشیعة قرآنا آخر یزید وینقص عن قرآننا المعروف. فقلت له: أین هذا القرآن؟ ولماذا لم یطلع الإنس والجن علی نسخة منه خلال هذا الدهر الطویل؟ لماذا یساق هذا الافتراء؟... فلماذا هذا الكذب علی الناس وعلی الوحی؟ " [3] وأما الروایات غیر الصحیحة والتی قد یستند إلیها البعض والتی تقول بتحریف القرآن والموجودة فی كتب الحدیث عند الشیعة، فإنها مدانة ومرفوضة یوجد مثیلها فی كتب صحاح الحدیث عند أهل السنة، وقد أخرج البخاری بسنده عن عائشة (رض) أنها قالت: " سمع رسول الله (ص) رجلا یقرأ فی سورة باللیل فقال: یرحمه الله لقد أذكرنی آیة كذا وكذا كنت أنسیتها من سورة كذا وكذا " [4] .

وبالطبع فإنه لا یمكن لأحد أن یصدق بما یعنیه الحدیث أعلاه والذی یشیر إلی عدم حفظ الرسول صلی الله علیه وآله للقرآن كاملا أو نسیانه لبعض الآیات منه، وفیما یلی ما یشیر إلی أن جزءا من سورة التوبة لم یجدوه إلا مع



[ صفحه 97]



خزیمة الأنصاری أثناء جمع القرآن، وذلك علی حد ما أخرجه البخاری فی صحیحه، فعن زید بن ثابت قال: " لما نسخنا الصحف فی المصاحف فقدت آیة من سورة الأحزاب كنت أسمع رسول الله (ص) یقرؤها لم أجدها مع أحد إلا مع خزیمة الأنصاری الذی جعل رسول الله (ص) شهادة رجلین من المؤمنین - (رجال صدقوا ما عاهدوا الله علیه) - " [5] .

وفی روایة أخری عن زید بن ثابت قال: "... فقمت فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعسب وصدور الرجال حتی وجدت من سورة التوبة آیتین مع خزیمة الأنصاری لم أجدهما مع أحد غیره " [6] فأین هذه الروایة من الحقیقة القائلة بنقل القرآن بالتواتر؟؟ ومن ضمن الروایات الكثیرة التی أخرجها البخاری وغیره من رجال الحدیث من أهل السنة فی صحاحهم ومسانیدهم، والتی تقول صراحة بتحریف القرآن الكریم ما یروی عن الخلیفة عمر بن الخطاب (رض) بالسند عن عبد الله بن عباس (رض) قال: " خرج عمر بن الخطاب فلما رأیته مقبلا قلت لسعید بن زید بن عمرو بن نفیل: لیقولن العشیة مقالة لم یقلها منذ استخلف. فأنكر علی وقال: ما عسیت أن یقول ما لم یقل قبله؟ فجلس عمر علی المنبر. فلما سكت المؤذنون قام فأثنی علی الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد، فإنی قائل لكم مقالة قدر لی أن أقولها، لا أدری لعلها بین یدی أجلی، فمن عقلها ووعاها فلیحدث بها حیث انتهت



[ صفحه 98]



به راحلته، ومن خشی أن لا یعقلها فلا أحل لأحد أن یكذب علی. إن الله بعث محمدا (ص) بالحق، وأنزل علیه الكتاب، فكان مما أنزل الله آیة الرجم فقرأناها وعقلناها ووعیناها. رجم رسول الله (ص) ورجمنا بعده. فأخشی إن طال بالناس زمان أن یقول قائل: " والله ما نجد آیة الرجم فی كتاب الله، فیضلوا بترك فریضة أنزلها الله. والرجم فی كتاب الله حق علی من زنی إذا أحصن من الرجال والنساء، إذا قامت البینة أو كان الحمل أوالاعتراف " [7] .

والروایة التالیة التی أخرجها البخاری أیضا تبین أن عمر بن الخطاب كان یود أن یضیف تلك الآیة التی أسقطت (علی حد زعمه) بنفسه، ولكنه كان یخشی كلام الناس: " قال عمر: لولا أن یقول الناس زاد عمر فی كتاب الله لكتبت آیة الرجم بیدی وأقر ماعز عند النبی (ص) بالزنا أربعا فأمربرجمه " [8] .

وأما الآیة المزعومة فهی: " والشیخ والشیخة إذا زنیا فارجموهما البتة " [9] كما روی ذلك ابن ماجة فی صحیحه: وبما أن القرآن الذی بین أیدینا نعتقد جزما بعدم تعرضه لأی نقصان أو زیادة، فإنه لا بد وأن یكون الخلیفة عمر (رض) قد التبس علیه الأمر، وقد یكون مصدر هذا الالتباس وجود آیة الرجم فعلا، ولكن فی توراة أهل الكتاب ولیس القرآن الكریم كما یظهر من روایة ابن عمر الذی قال: "... أتی النبی (ص) برجل وامرأة من الیهود قد زنیا، فقال



[ صفحه 99]



للیهود: ما تصنعون بهما؟ قالوا: نسخم وجوههما ونخزیهما، قال: فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقین، فجاءوا فقالوا لرجل ممن یرضون أعور -: اقرأ، فقرأ حتی انتهی إلی موضع منها فوضع یده علیه، قال: ارفع یدك، فرفع یده فإذا فیه آیة الرجم تلوح، فقال: یا محمد، إن علیهما الرجم ولكننا نتكاتمه بیننا، فأمر بهمافرجما " [10] .

وما یقوی احتمال وقوع التباس الخلیفة عمر (رض) بین كتاب الله الحكیم وتوراة أهل الكتاب ما ذكره الجزائری فی كتابه: " هذه نصیحتی إلی كل شیعی " وهذا نصه: (... وكیف تجوز قراءة تلك الكتب المنسوخة المحرفة والرسول (ص) یری عمر بن الخطاب (رض) وفی یده ورقة من التوراة فینتهره قائلا: ألم آتیكم بها بیضاء نقیة؟! إذا كان الرسول (ص) لمیرض لعمر مجرد النظر فی تلك الورقة من التوراة...) [11] .

ویروی عن الخلیفة عمر أیضا قوله: " ثم إنا كنا نقرأ من كتاب الله - أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكمأن ترغبوا عن آبائكم - أو إن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم) [12] .

ولا یخفی علی أحد أن هذه الآیة كسابقتها لیس لها وجود فی كتاب الله. وأما عبد الله بن مسعود، فقد روی عنه أنه كان یضیف كلمتی " الذكر والأنثی " علی الآیة الكریمة - (واللیل إذا یخشی) - فعن علقمة قال: "... كیف یقرأ عبد الله - واللیل إذا یخشی - فقرأت علیه - واللیل



[ صفحه 100]



إذا یغشی والنهار إذا تجلی والذكر والأنثی - قال: والله لقد أقرأنیهارسول (ص) من فیه إلی فی " [13] .

وهكذا یوقعنا البخاری الذی أخرج هذه الروایة فی صحیحه بتناقض جدید، ذلك إنه یروی أیضا أمر الرسول صلی الله علیه وآله للمسلمین باستقراء القرآن من عبد الله بن مسعود. فبالروایة عن ابن عمر قال: بأن الرسول (ص) كان: " یقول: استقرئوا القرآن عن أربعة: عن عبد الله بن مسعود فبدأ به " أو قال: " استقرئوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود،وسالم مولی أبی حذیفة وأبی بن كعب ومعاذ بن جبل " [14] .

فكیف یأمرنا الرسول صلی الله علیه وآله باستقراء القرآن ممن لا یحسن حفظه؟ نترك الإجابة علی هذا السؤال بالطبع للبخاری ومن سار علی منهجه باعتقاد صحة كل ما روی فی صحیحه. وأما صحیح مسلم، فقد وجد فیه مثل ذلك أیضا، فعن عائشة (رض) أنها قالت: " كان فیما أنزل من القرآن - عشر رضعات معلومات - فتوفی رسول الله (ص) وهن فیما یقرأ من القرآن " [15] ، وزعم عائشة هذا مما فیه ردا صریحا علی من یقول بأن أمثال هذه الروایات هو مما نسخ، وإلا فما معنی زعمها استمرار قراءتها بالرغم من وفاة النبی (ص)؟؟ وعن أبی الأسود عن أبیه قال:



[ صفحه 101]



" إن أبا موسی الأشعری بعث إلی قراء البصرة وكانوا ثلاثمائة رجل، فقال فیما قال لهم: وإنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها فی الطول والشدة ببراءة، غیر أنی حفظت منها - لو كان لابن آدم وادیان من مال لابتغی وادیا ثالثا، ولا یملأ جوف ابن آدم إلا التراب - " [16] .

وفی كتاب (الاتقان فی علوم القرآن) للسیوطی، یذكر بعض الروایات بأن القرآن 112 سورة فقط أو بإضافة سورتی الحفد والخلع [17] ...! وغیر ذلك من أمثال تلك الروایات والتی نكتفی بالقدر الذی أوردناه منها. وبعد، فهل یجوز أن یقول الشیعی أن قرآن أهل السنة ناقص أو زائد لوجود روایات تقول بذلك فی كتب الحدیث عندهم؟ بالتأكید لا، لأن إجماع أهل السنة هو القول بعدم تحریف القرآن. وأما مسألة وجود هذه الروایات القائلة بالتحریف فی كتب صحاح الحدیث عندهم - لا سیما البخاری ومسلم منها والتی ألزم أهل السنة أنفسهم بحجة أن جمیع ما روی فیها یعتبر صحیحا علی رأیهم - فإن تفسیر ذلك یكون بأحد أمرین لا ثالث لهما: فإما أن تلك الروایات صحیحة ولكن فیها من الالتباس الذی حصل لرواتها كما هو الحال بشأن آیة الرجم. وإما أن تكون تلك الروایات غیر صحیحة كما هو الحال بالنسبة لباقی الروایات التی ذكرناها، وبذلك فإنه لا بد من إعادة النظر فی تسمیة كتابی البخاری ومسلم (بالصحیحین). فبماذا نفسر إذن تلك الحملة المسعورة التی یقوم بها بعض الكتاب أمثال ظهیر والخطیب وغیرهم باتهام الشیعة بتحریف القرآن لمجرد وجود روایات ضعیفة فی كتب الحدیث عندهم تقول بذلك هی مرفوضة عندهم، ویوجد ما یشابهها الكثیر من الروایات التی أخرجها رجال الحدیث من أهل السنة فی صحاحهم. فمن كان بیته من زجاج لا یرمی بیوت الآخرین با لحجارة!



[ صفحه 103]




[1] عقائد الإمامية لمحمد رضا المظفر ص 41 ط الثالثة(2) إعتقادات الصدوق.

[2] السنة المفتري عليها: ص 60.

[3] دفاع عن العقيدة والشريعة ضد مطاعن المستشرقين.

[4] صحيح البخاري ج 6 ص 508 كتاب فضل القرآن باب نسيان القرآن.

[5] صحيح البخاري ج 6 ص 291 كتاب التفسير فمنهم من قضي نحبه.

[6] صحيح البخاري ج 6 ص 162 كتاب التفسير باب لقد جاءكم رسول من أنفسكم.

[7] صحيح البخاري ج 8 ص 539 كتاب المحاربين من أهل الكفر باب رجم الحبلي من الزنا.

[8] صحيح البخاري ج 9 ص 212 كتاب الأحكام باب الشهادة تكون عند الحاكم.

[9] سنن أبي داود.

[10] صحيح البخاري ج 9 ص 476 كتاب التوحيد باب ما يجوز من تفسير التوراة.

[11] هذه نصيحتي إلي كل شيعي لأبي بكر الجزائري.

[12] صحيح البخاري ج 8 ص 540 كتاب المحاربين من أهل الكفر باب رجم الحبلي من الزنا.

[13] صحيح البخاري ج 5 ص 63 كتاب الفضائل الصحابة باب مناقب عمار وحذيفة.

[14] صحيح البخاري ج 5 ص 71 كتاب فضائل الصحابة باب مناقب عبد الله بن مسعود.

[15] صحيح مسلم ج 2 ص 1075، ط دار إحياء التراث العربي، كتاب الرضاع باب التحريم بخمس رضعات.

[16] صحيح مسلم كتاب الزكاة ج 2 ص 726، ط دار إحياء التراث العربي. باب لو أن لابن آدمواديين لابتغي ثالثا.

[17] الإتقان في علوم القرآن للسيوطي: ص 65.